كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



فذكر الإذن في أربعة مواضع لأفعال عيسى عليه السلام، وهذا دل على أن ما ذهب إليه من ذكرت كلامه بذكر الإذن في فعلين من سورة آل عمران على أنهما فعل الله تعالى، وما لم يذكر معه الإذن فعل عيسى عليه السلام باطل.
وقد رأين أن ما اعتد به الله سبحانه عليه في سورة المائدة ينطق أن ما ذكر أنه بغير إذنه هو بإذنه وإذا كان كذلك وجب أن يكون المعنى في الآية من آل عمران: {أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير} ألقبه بعد التركيب على مثال الطائر لحما ودما وعظما، ثم بالنفخ فيه أجعله حيوانا، وكل ذلك بإذن الله تعالى، ويكون معنى قوله: {فيكون طيرا بإذن الله} راجعا إلى كل ما ذكر أنه يفعله من مبتدأ قوله: {أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير} فجميع تلك الأفعال واقعة بإذن الله تعالى، وإذن الله عبارة هن إرادته وخلقه على يده، فسهل ذلك على يد عيسى على نبينا وعليه السلام عند الاحتجاج به وإبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى ثلاثة أفعال لا تكون إلا بإذن الله تعالى.
وقوله: {وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم} هذا وإن كان إخبارا من عيسى عليه السلام وفعلا من أفعاله فإنه لا يصح أن يكون إلا بإذن الله، وإلا فما يعلم ما يفعلونه من بيوتهم فما يعلم ما يفعلونه من بيوتهم مما هو غيب عنه إلا بإذن الله عز وجل للملائكة وإطلاعه عليه وبالله التوفيق.
26 الآية الثالثة منها: قوله تعالى: {إن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم} آل عمران: 51.
وقال في سورة مريم مثله وقال في سورة الزخرف 64 حكاية عمن حكى عنه في السورتين: {إن الله هو ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم}، فزاد هو في هذه الآية من هذه السورة.
للسائل أن يسأل عما أوجب اختصاصها بهذا التوكيد دون الموضعين الأولين، وهي كلها فيما أخبر الله تعالى به عن عيسى عليه السلام؟
والجواب أن يقال: إنما لم يجب في الأولين من التوكيد ما أوجبه اختيار الكلام الموضع الثالث، لأن قوله عز وجل: {إن الله ربي وربكم فاعبدوه} حكاية عن عيسى عليه السلام بعد ما مضت آيات كثيرة في ذكره وابتداء أمره من مبتدأ الآية التي نزلت في شأن مريم، وهي: {وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين} آل عمران: 42 إلى آخر هذه العشر.
فلما تناصرت هذه الآيات المتقدمة في ذكره، ودلت إحداثه وخلقه، كانت فيها دلالة على أنه مربوب مصنوع بكثرة الأفعال التي أسندت إليه، وجعلت آيات له، وأنه عبد من عبيده، والله به ومالكه والقائم بمصالحه، وأنه أصحبه معجزات تدل على صدقة في نبوته، وكذب من قال ببنوته، فصرفتهم تلك الأفعال التي ذكرها إلى العلم بأنه تعالى ربه.
وكذلك في سورة مريم جاء قوله: {وإن الله ربي وربكم} بعد ما مضت آيات كثيرة ابتداءها: {واذكر في الكتاب مريم} مريم: 16 وبعد عشرين آية مرت في قصتها قال: {وإن الله ربي وربكم فاعبدوه} مريم: 36 وكانت تلك العشرون آية ناطقة بأن الله تعالى ربه، فاكتفى بما طال من الكلام المؤكد لحاله على حقيقتها عن التوكيد الذي جاء في سورة الزخرف، لأنه لم يذكر هذه الآية إلا بعد قوله: {ولما جاء عيسى بالبينات قال قد جئتكم بالحكمة ولأبين لكم بعض الذي تخفون فيه فاتقوا الله وأطيعون إن الله ربي وربكم فاعبدوه} الزخرف: 63- 64.
فالموضع الذي خلا من الآيات الكثيرة الدالة على أن الله تعالى ربه، وهو عبده، لا ابنه حسن تأكيد الكلام فيه صرفا للناس عما ادعوا من أنه ابن الله إلى أنه عبده. ألا ترى قوله في سورة مريم {ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون وإن الله ربي وربكم فاعبدوه} مريم: 35- 36.
واعلم أن التأكيد بقولك هو في مثل هذا الموضع يكون لأخذ وجهين، إما أن تريد أنه على الصفة التي جعلتها خبرا عنه، لا على غيرها، وإما أن تريد أن صحاب هذه الصفة التي جعلت خبرا عنه إنما هو فلان، لا غيره.
إذا قال القائل: إن زيدا هو أخوك، أي هو صديقك لا عدوك، أو يريد أن يقول: هو أخوك لا عمرو، فكذلك قوله تعالى: {إن الله هو ربي وربكم يحتمل أن} يريد التأكيدين: أن يريد أنه هو خالقي والقائم بمصالحي، لا غيره من الآلهة التي ترون عبادتها، وأن يريد أنه هو ربي، لا أبي كما زعمت النصارى، تعالى الله عن أن يكون له ولد.
27 الآية الرابعة منها: قوله عز وجل: {فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون} آل عمران: 52، فحذف النون من أنا.
وقال في سورة المائدة111: {وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون}، بإثبات النون.
للسائل أن يسأل فيقول: لم أخص ما سورة آل عمران بـ {أنا}، وما في سورة المائدة بـ (أننا)، والحرفان سواء، والتخفيف جائز في الموضعين كما يجوز الإتيان به على الأصل فيهما؟
والجواب أن يقال: إن الذي في سورة المائدة جاء على الأصل غير مخفف بالحذف، لأنه أول كلام الحواريين في هذا المعنى، ألا تراه خبرا عن الله تعالى أنه قال: {وإذ أوحيت إلى الحواررين أن آمنوا برسولي قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون} المائدة: 111، والذي في سورة آل عمران حكاية عن عيسى عليه السلام أنه ساهم عما أقروا به لله تعالى، فقال: {من أنصاري إلى الله قال الحواريين نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون} فكان ذلك منهم إقرارا ثانيا لرسوله عليه السلام بمثل ما أقروا به الله تعالى، والثاني يختار فيه من التخفيف ما لا يختار في الأول، لأن الأول قد وفى العبارة حقها، والثانية معتمدة على ما قبلها، وهي مكررة، والعرب تستقل المعاد ما لا تستثقل غيره، فاختير في سورة آل عمران ما لم يختر في سورة المائدة لذلك.
ثم أذكر فصلا في هذه النون.
مسألة: اعلم أن النون التي حذفت من أنا غير النون التي حذفت من أنني وقد جاء القرآن بهما جميعا: قوله تعالى: {إني آنست نارا} طه: 10 و{إني أنا ربك} طه: 12 وأني أتى على الأصل بعده: {فاستمع لما يوحى إنني أنا الله} طه: 13- 14. وقال: {إنا رادوه إليك} القصص: 7، {وإنا لفاعلون} يوسف: 61.
وقال: {وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب} هود: 62 في قصة صالح عليه السلام.
ومن لم يرتض بهذا العلم يتوهم أن النون التي خففت بحذفها أني هي التي خففت بحذفها أنا، ولي الأمر كذلك، لأن التي حذفت من أني هي النون العماد واللاحقة مع الياء بدلالة حذفها من نظائرها، إذ قلت: لعلي في لعلني.
وأما النون التي في أنا من قولك أننا فإنها مع الألف اسم المخبرين عن أنفسهم، ولا سقوط التي تجيء مع الياء، فإذا قلت إنا فالنون الساقطة هي الأخيرة من أن دون اللاحقة مع الضمير بها.
فاعرف إن شاء الله تعالى.
28 الآية الخامسة منها: قوله تعالى: {وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم آل عمران}: 126.
وقال في سورة الأنفال 10: {وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم}.
للسائل أن يسأل فيقول: ما في الآية الأولى مما يوجب أن يأتي فيها بقوله: {قلوبكم} وقدم في هذه الآية وحذفه من الثانية مع العلم بأن الله تعالى جعل إخباره بإنزال الملائكة لنصرتهم بشارة لهم، وأن {لكم} مضمرة في سورة الأنفال كما هي مظهرة في هذه السورة، فلأن الأولى جاءت على الأصل، والثانية قد تقدمها {لكم} فأغنت عن إعادتها بلفظها ومعناها، وهي في قوله: {إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين} الأنفال: 9.
فلما قال: {فاستجاب لكم} علم أنه جعل بشرى لهم، فأغنت {لكم} الأولى بلفظها ومعناها عن الثانية، وفي الآية الأولى لم يتقدم ما يقوم مثل هذا المقام، فأتى بقوله: {لكم} على الأصل.
وأما تأخير {به} بعد قوله: {قلوبكم} فلأنه لما أخر الجار والمجرور في الكلام الأول، وهو قوله تعالى: {وما جعله الله إلا بشرى لكم}، وعطف الكلام الثاني عليه، وقد وقع فيه جار ومجرور وجب تأخيرهما في اختيار الكلام ليكون الثاني كالأول في تقديم ما الكلام أحوج إليه، وتأخير ما قد يستغني عنه.
وأما تقديم {به} في الآية الثانية، فلأن الأصل فيكل خبر يصدر بفعل أن يكون الفاعل بعده ثم المفعول والجار المجرور، وقد يقدم المفعول على الفاعل إذا كان اللبس واقعيا فيه، وأريد إزالته عنه، كما تقول: ضرب عمرا زيد، لا محمدا، لأن المخاطب عنده أن المضروب محمد، ولا خلاف بين المتخاطبين في أن الضارب زيد، فهو يبدأ بما هو أهم، وعنايته ببيانه أتم وكذلك الجار والمجرور بمنزلة المفعول به في التقديم والتأخير وشبههما.
وفي هذا الموضع إذا لم يعرض في اللفظ من التوفقة ما يوجب إجراء الكلام على الأصل كما كان في سورة آل عمران، فإن المعتمد بتحقيقه عند المخاطبين إنما هو الإمداد بالملائكة، وهو الذي أخبر الله تعالى عنه أنه لم يجعله إلا بشرى، فوجب أن يقدم في الكلام الثاني، وهو المضمر بعد الباء في قوله تعالى: {به} على الفاعل، فقال تعالى: {ولتطمئن به قلوبكم} الأنفال: 10.
وفي هذه الآية مسألة أخرى وهي أن يقال: كيف اختلف الأخبار عن الله تعالى بالعز والحمكة في الآيتين، فجاء في سورة آل عمران مجيء الصفة فقال تعالى: {وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم}، وجاء في سورة الأنفال بلفظ خبر ثان مستأنف فقال: {إن الله عزيز حكيم}.
والجواب أن يقال: القصد إعلام المخاطبين أن النصر ليس من قبل الملائكة، ولا من جهة العدد والعدة وفضل القوة، ولكنه من القادر الذي لا يغلب ولا يمنع عما يريد فعله، والحكيم الذي يضع النصر موضعه.
والآية التي في الأنفال إنما هي في قصة يوم بدر، وبين الله تعالى ذلك بلفظ {جعله} كالعلة لكون النصر بيده، فكأنه قال في المعنى: النصر ليس إلا من عند الله، لأنه العزيز الذي لا يمنع عما يريد فعله، الحكيم الذي يضع النصر في موضعه، ففصل ذلك في خبرين على الأصل الواجب في توفية كل معنى حقه من البيان.
والآية التي في سورة آل عمران هي في قصة يوم الأحد، وهي بعد يوم بدر. وكان هذا البيان قد جعل خبرا عن النصر في اليوم الأول، فاقتصر اليوم الأول، فاقتصر من ذكر مثله في اليوم الثاني على خبر واحد، يجري عليه معنى الخبر الثاني مجرى الوصف، لاختصار المعنى عن البسط، اعتمادا على ما فصل في الخبر الأول، فكان الاختصار بالثاني أليق، وكان الثاني له أجمل، فخص كل موضع بما رأيت لما ذكرت والله أعلم.
29 الآية السادسة منها: قوله تعالى: {أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين} آل عمران: 136.
وقال في سورة العنكبوت الآية: 58: {خالدين فيها نعم أجر العاملين}.
للسائل أن يسأل عن اختصاص ما في السورة بالواو من قوله: {ونعم} وإخلائها في سورة العنكبوت منها؟
والجواب: أن الآية من هذه السورة مبنية على تداخل الأخبار، لأن أولها: {جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين}.
ف {أولئك} مبتدأ، و{جزائهم} مبتدأ ثان، و{مغفرة} خبر المبتدأ الثاني، وهو مع خبره خبر عن المبتدأ الأول، والجزاء هو الأجر، فكأنه قال: أولئك أجرهم على أعمالهم محو ذنوبهم، وإدامة نعمهم، وهذا الأجر مفضل على كل أجر يعطاه عامل عمله، فنسقت الأخبار بعضها على بعض للتنبيه على النعم التي هيئت لرجاء الراجلين، وأكملت بها منية المتهمين.
والخبر إذا جاء بعد خبر في هذا المكان الذي تفصل فيه المواهب المرغب فيها، فحقه أن يعطف على ما قبله بالواو، وكقولك: هذا جزاء كذا وكذا، أي: هو ترك المؤاخذة بالذنب والتنعم في جنة الخلد، وتفضيله على كل جزاء جوزي به عامل، وذلك تشريف وكرامة.
وأما الآية التي في سورة العنكبوت فإن ما قبلها مبني على أن يدرج الكلام فيه على جملة واحدة، وهي: {والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم من الجنة غرفا...} العنكبوت/ 58.
فقوله: {والذين آمنوا} مبتدأ، وقوله: {لنبوئنهم} في موضع خبره، وهذا الخبر يتصل به مفعولان، الأول: {هم} والثاني {غرفا}. و{غرفا} نكرة موصوفة بقوله: {تجري من تحتها الأنهار} وقوله: {خالدين فيها} حال من التبوئة.
فلما جعلت هذه الأشياء كلها في درج كلام واحد، وهي جملة ابتداء وخبر، واحتمل {نعم أجر العاملين} أن تجيء بالواو وأن يجيء من دونها، اختير مجيئها بغير واو ليشبه ما تقدم من صفة الخبر، لا على سبيل عطف ونسق بها.
ويحتمل أن يكون في موضع خبر ومبتدأ، كأنه قال: ذلك نعم أجر العاملين، ويكون قوله: {ذلك} إشارة إلى ما ذكر الله من إسكانهم الجنة، فيجري بلا واو مجرى ما هو من تمام الكلام كقوله تعالى: {والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجناب لهم ما يشاؤون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير} الشورى: 22.
فقوله: {ذلك} وإن انقطع عن الأول في اللفظ فإنه متصل به من طريق المعنى، فكأنه قال: {لهم ما يشاؤون عند ربهم} مشار إليه بأنه الفضل الكبير.
وقوله: {نعم أجر العاملين} أي: ذلك نعم أجر العاملين، والمعنى مشار إليه بتفضيل على أجور العاملين وإذا كان الأمر على ما ذكرت في الآيتين لم يلق بكل واحدة منهما إلا ما جاءت به والله أعلم.
30 الآية السابعة منها: قوله تعالى: {فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك جاءوا بالبينات والزبر والكتاب المنير} آل عمران: 184.
وقال في سورة الملائكة 25: {وإن يكذبوك فقد كذب الذين من قبلهم جاءتهم رسلهم بالبينات وبالزبر وبالكتاب المنير}.
للسائل أن يسأل عن اختلاف الآيتين في إدخال الباء في: قوله: {وبالزبر وبالكتاب المنير} في موضع، وحذفها منه في موضع في قراءة الأكثرين؟
والجواب أن يقال: إن الزبر والكتاب المنير في سورة آل عمران وقعا في كلام بني على الاختصار والاكتفاء بالقليل عن الكثير مع وضوح المعنى.
وكان أول ذلك قوله: {فإن كذبوك} والتقدير: فإن يكذبوك، فوضع الماضي الذي هو أخف موضع المستقبل الذي هو أثقل بدلالة إنالتي للشرط وحصول الخفة في اللفظ، ثم إن الفعل الذي جاء في جواب الشرط بني للمفعول، ولم يسم فاعله، فكان الاختيار أن يجعل آخر الكلام كأوله بالاكتفاء بما قل عما كثر منه مع وضوح المعنى.
والآية التي في سورة الملائكة صدرت بما يخالف ذلك في الموضعين، لأن الشرط جاء فيها على الأصل بلفظ المستقبل، وهو: {وإن يكذبوك} وجاء الجزاء أيضا مبنيا للفاعل، ولم يحذف منه ما حذف من الأول. فلما قصد توفيه اللفظ حقه أتبع آخر الكلام أوله في توفية كل معمول في عامله، وهي حروف الجر التي استوفتها المجرورات، فلذلك اختلفت الآيتان والله أعلم.
مضت سورة آل عمران عن سبع آيات وثلاثة عشر مسألة.
حيث لا يحتاج إلى ذكر الفاعل، وأيراد فعل الشرط ماضيا وأصله المستقبل، ولفظ الماضي أخف من المضارع. كذلك حذف الجار في قوله: {والزبر والكتاب المنير} تخفيفا لمناسبة ما تقدم في الاختصار. وأما آية سورة فاطر فسياقها البسط بدليل وقوع فعل الشرط فيه بلفظ المستقبل، وإظهار فاعل ومفعول في قوله تعالى: {جاءتكم رسلكم} فناسب هذا البسط ذكر الجار الباء في الثلاثة {بالبينات وبالزابور وبالكتاب المنير} ليكون كله على نسق واحد.
(17) في (ك): عن ست آيات وإحدى عشر مسألة، وذلك خطأ حيث ذكرت فيها آيات سبعة كما في (أ، ب). وأما النسخ الأخري (ح، خ، ر، س) لم يأت فيها ذكر الآية السادسة من هذه السورة.
(18) بعد التتبع نجد أن المؤلف رحمه الله تناول في هذه السورة خمس عشر مسألة، ومسألتان في الرابعة، وثلاث مسائل في الخامسة، ومسألة في السادسة ومسألة في السابعة، وبذلك يكون عدد المسائل خمسة عشر مسألة. ولعل ذلك يرجع إلى ظهور مسائل جديدة للمؤلف وهو يملي، كما قال في صفحة241:
وفي هذه الآية مسألة أخرى، وهي أن يقال... وقد تتكر مثل هذه الحالات أثناء الإملاء، ولعل هذا يفسر لنا الاختلاف الموجود في ذكر عدد المسائل في آخر بعض السور كما سنرى ذلك إن شاء الله. اهـ.